مصداقية الخطاب الاعلامي تجاه قضية القدس

تعيدني الذاكرة التاريخية الى أكثر من قرن  حينما عقد المؤتمر الفلسطيني الأول مؤتمر شارك فيه ممثلون عن مختلف مناطق فلسطين لرفض تقسيم سورية وسلخ فلسطين عنها ورفض مخططات إسكان اليهود في فلسطين. عقد المؤتمر في مبنى المتصرفية في القدس في أوائل كانون الثاني 1919 برئاسة عارف الدجاني، وانتخب محمد عزة دروزة سكرتيرا للمؤتمر، ومااريد قوله اننا ومهما طال الزمن لن نتخلى عن القدس الشريف.

بخصوص موضوعنا   " مصداقية الخطاب الاعلامي تجاه قضية القدس  "  يعتبر  الخطاب الإعلامي نمط الحياة الطبيعي الذي يعيشه الناس والممارسات اليومية التي تصدر عنهم والأفكار والمعتقدات والأحداث التي يمرون بها ، إذ يُنقَل كل هذا ويُبثّ عبر وسائل الإعلام المختلفة، ليصل إلى الجمهور في كل مكان ، وهو  قادر على توجيه الرأي العام كما شاء لما له من تأثير قوي في المتلقي . والخطاب في أي مجتمع هو الممارسة الإجتماعية ، وهو مجمل القول والفعل ، ومما لا شك فيه أن معظم الخطاب الإعلامي له تحيزاته سواءً كانت معلنة أو غير معلنة، لذلك تحلل عمليات الاتصال والإعلام من حيث التكوين، والملكية، ونظم العمل، وطبيعة الجمهور، والنظام السياسي، وما تنتجه من خطابات للتعرف على مدى قدرتها ودقتها في نقل الواقع، وما الذي تخفيه أو تظهره، ولمصلحة من تعمل ، وما هي استراتيجياتها. وللخطاب الاعلامي أشكال مختلفة مثل النص المكتوب والارتجال ، كما أن له قواعد وأسس مختلفة كالوضوح والحيوية والتنوع والاختصار . كما أن هناك أنواع من الخطاب الاعلامي مثل الخطاب القرآني  و الخطاب النفعي أو الإيصالي والخطاب الشعري و الخطاب الإشهاري و الخطاب الصحفي و الخطاب السياسي. وكل هذا وذاك له تأثيره الكبير على المجتمع حسب سياسة ونهج القائم بالاتصال وتبعا لثقافة الجمهور  والظروف السائدة والأهداف المخطط لها .

والقدس الشريف مدينة عربية اسلامية انتزعت من يد أصحابها الشريف وفيها مقدسات اسلامية ومسيحية ماتزال محل نزاع .

لكننا نرى ان الخطاب الاعلامي السائد في أغلبه يقتصر على التنديد والاستنكار والمطالبات ويخضع لمواقف دولية لها تأثير على بعض أصحاب القرار في الدول العربية والاسلامية .

والمشكلة او الاشكالية البحثية هنا في نوع وماهية ومصداقية الخطاب الاعلامي  تجاه قضية القدس ومدى تحقيقه للاتصال الاقناعي  وايصاله الى أكبر عدد من المتلقين في العالم.

التوصيات

1-  ان يكون الخطاب الاعلامي نابع من القرآن  والسنة النبوية ، ومن واقع التاريخ  من حيث احقاق الحق واسترجاعه وحماية المقدسات الدينية والدفاع عنها

2-  نؤكد على ضرورة وحدة الرأي والكلمة للقائم بالرسالة الاتصالية على المستوي العربي والاسلامي تجاه القدس وأحقيتها .  

3 العامل السياسي له تأثير كبير على سير العملية الاعلامية ، من حيث حيادية الخطاب الاعلامي  ، وانسيابية تدفق الرسائل الاعلامية ، ومن ثم التفاعل الايجابي مع الدول الصديقة والمجتمعات المحبة للحق والسلام

4- التركيز على  عامل التكنولوجيا حيث يؤسس لوسائل اعلام يكون بمقدورها ايصال خطاب اعلامي بالشكل الصحيح .

5- علينا الانتباه الى ان  التعصب الديني والتحير الفكري  والجهل والتخلف عوامل تشويش ضد الخطاب الاعلامي الواضح  الداعي لتحرير القدس ولابد من توحيد الرؤى والأفكار على مستوى وزراء الاعلام .

6- من جانبها فإن التفاهمات الدولية وانعكاسها على علاقات الشعوب فيما بينها تعزز من وحدة الخطاب الاعلامي وتدعمه ايجابيا من حيث التاثير في المتلقي على مستوى العالم لكسب التأييد لصالح قضية القدس.

    7 -  ايلاء أهمية لمقومات الاعلام ومنها رأس المال ،  حيث نحتاج لدعم مالي كبير عربي واسلامي من أجل التأثير في المتلقي وفق خطاب اعلامي ممنهج .

8- قيام المنظمات والهيئات والجمعيات بدورها والتوعوي الى جانب وسائل الاعلام ضمن خطاب اعلامي موحد لذات الهدف وهو قضيتنا الكبرى القدس.

9- المؤسسات التعليمية والاعلامية ودوائر الاوقاف في كل مراحلها الى جانب الأسرة يتحتم عليهم التثقيف والتوجيه من أجل فهم الحق الفلسطيني وخاصة بقضية القدس الشريف تجاه التضليل الاعلامي والبروباغاندا الغربية ودعاية الكيان الصهيوني.

10- الانتباه والتدقيق في مايتعلق  بالحوار بين الأديان ، وتقارب الحضارات ، حيث يجب الأخذ بنظر الاعتبار الحفاظ على الحق الفلسطيني والعربي وفق الأصول والثوابت

11- الدعم الشامل لأهلنا في فلسطين والقدس الشريف في المجالات الاقتصادية والثقافية والاعلامية والسياسية من أجل دعم صمودهم بوجه الارهاب والمساومة من قبل السلطات الصهيونية  الغاصبة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

(مؤتمر القدس 10-6-2021 الخميس)

الأستاذ الدكتور عبد الكريم عبد الجليل الوزان

عميد كلية الاعلام في جامعة ابن النفيس

رئيس هيئة الاعلام والاتصال بالجامعة الأمريكية فرع السنغال واستاذ دراسات عليا في الاعلام

رئيس لجنة الاعلام في اتحاد الجامعات الافروأسيوي

باحث في مركز أبابيل الاستراتيجي.