نشاط مكثف لشبكات المخدرات بموريتانيا(تفاصيل خاصة)

ذكرت مصادر صحفية رفيعة معطيات خاصة تكشف وجود نشاط مكثف لشبكات تهريب المخدرات في موريتانيا خلال سنتي 2014 و2015 تضمنت رحلات عدة لعدد من باروناتها إلى موريتانيا، كما كشف استغلالها في أنشطتها لسفن وزوارق وطائرات في انواكشوط وانواذيبو، وكذا الشمال المالي.

وتحدثت المعطيات والوثائق عن وجود شبكات ضمن أعضائها موريتانيون، ويمتد نشاطها من كولومبيا، وفنزويلا في أمريكا الجنوبية، إلى موريتانيا وغينيا بيساو في إفريقيا، كما كان للشمال المالي حضوره البارز في هذا النشاط المتصاعد.

 

ورغم أن أجهزة الأمن الموريتانية أوقفت بعض هؤلاء، وخصوصا في الأشهر الأخيرة من العام 2015، إلا أن العديد منهم ظل بعيدا عن قبضة الأمن رغم تصاعد نشاطه، ودوره الكبير في إيصال شحنات من مخدر الكوكايين إلى موريتانيا.

 

رأس جبل جليد

كانت البداية يوما واحدا قبل ذكرى استقلال موريتانيا، عندما ألقت شرطة مكافحة المخدرات في إحدى الشقق بمقاطعة تفرغ زينة القبض على العجوز الفنزويلي زابتا أريكي كارسيا، المولود سنة 1944، وذلك في ثاني زيارة له للعاصمة انواكشوط، بعد أن أمضى فيها شهرين خلال العام 2014.

 

تزامن اعتقال الفنزويلي المتقاعد من عمله كطيار مع الاستنفار الأمني الذي أعلنت عنه مختلف الأجهزة الأمنية الموريتانية وذلك قبيل الاستعراض العسكري المنظم في انواذيبو، لتتكشف لاحقا - بتوقيفه - تفاصيل الشبكة، من سفن وطائرات، بما فيه طائرة "أنتو نوف" المتوقفة في مطار انواكشوط، والتي أعلنت أحد أعضاء الشبكة عن بيعها.

 

شبكة الإيراد والتصدير

المعطيات كشفت أن شبكة "الإيراد والتصدير" الناشطة على الأراضي الموريتانية تتكون من عدة أشخاص لدى بعضهم سوابق لدى القضاء الموريتاني، ومن بينهم باركلل ولد اكريميش الذي أطلق سراحه بموجب عفو رئاسي من الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز في العام 2011 شمل آخرين مدانين معه في الملف.

 

كما كان من أبرزهم عمار "الأزوادي" والذي ألمح سيد محمد ولد هيدالة إلى اتهامه بأنه قد يكون وراء استهدافه، والسعي لتوريطه في ملف المخدرات، وكذا محمد اليدالي، ومحمد بوي ولد لدهم ولد امم، إضافة لكارلوس الكولومبي، والمعلوم ولد أحمد الذي وصل الطيار الفنزويلي المتقاعد انواكشوط أول مرة مارس 2014 بناء على دعوة منه، وأقام في منتزهه الذي يحمل اسم "مناة" لمدة شهرين، وكذا لوتشو الفنزويلي.

 

وقد نسقت الشبكة مع كارلوس لتوصيل شحنات من المخدرات من كولومبيا، إلى موريتانيا، وشكل كارسيا واسطة بين البائعين والناقلين في كولومبيا إلى طالبي الشحنة في موريتانيا مقابل عمولة بلغت 200 ألف يورو.

 

كما سافر المعلوم ولد أحمد إلى كولومبيا لمتابعة مرحلة من مراحل الصفقة، وكان كارسيا حينها في السنغال.

 

وأوكلت مهمة إيصال الشحنة إلى الأراضي الموريتاني – عبر البحر – للكولومبي كارلوس، فيما تولت المجموعة الموريتانية إنجاز المخططات للطرق الأكثر أمنا، وكذا دراسة الأماكن التي يمكن فيها إقامة مهبط للطائرات، حيث استقر رأيها على المنقطة الموجودة عند الكلم 120 على طريق انواكشوط – انواذيبو، وتولى هذه المهمة موفد خاص قدم لها من كولومبيا.

 

بنى تحتية

وتجلت البنى التحتية لهذه الشبكات في سفن وقوارب، كانت إحداها لدى الكولومبي كارلوس، فيما كانت الثانية لدى الفنزولي لوتشو، وقال إنها موجودة في المياه الإقليمية الموريتانية، وتحديدا في المناطق القريبة من انواذيبو.

 

كما يدخل ضمن البنية التحتية طائرة "أنتو نوف" أكرانية الصنع، والتي كانت تحمل المخدرات من أمريكا الشمالية إلى إفريقيا، وأكد عمار "الأزوادي" وجودها في مطار انواكشوط، مؤكدا أن الشبكة تعمل على بيعها.

 

وفضلا عن السفن والطائرات، تتوفر الشبكة على سرب من السيارات، تتمثل مهمته في نقل الشحنات من السفن إلى الطائرات أو العكس، وكذا توزيعها للمستودعات الموجودة على الأراضي الموريتانية.

 

امتدادات إقليمية ومبالغ ضخمة

كارسيا الذي شكل رأس جبل الجليد للشكبات الناشطة في موريتانيا، كان له حساب في أحد البنوك السويسرية يوجد فيه نصف مليار دولار، وهو الحساب الذي قال الفنزويلي إنه يعود لامرأة ثرية كانت تريد منه أن يبحث لها عن طريقة لإخراج تلك المبالغ من حسابها في اسويسرا.

 

كما تولى كارسيا خلال 2009 تمثيل شركة طيران تسمى "بارتوكاركو"، وهي المؤسسة المالكة للطائرة التي وصلت الشمال المالي سنة 2009، وكانت محملة بالكوكايين، وتم إحراقها بعد تفريغ حمولتها.

 

وقد دخلت الشركة في خلاف قضائي مع نجل الرئيس السنغالي كريم واد – حينها – سرعان ما تم حله، لتسافر الطائرة إلى غينيا بيساو، ومنها إلى بانما حيث تم تغيير اسمها قبل أن تعود بحمولتها إلى الشمال المالي حيث شكل مثواها الأخير، بعد أن أدت مهمتها في إيصال عشرات أطنان الكوكايين.

 

أما نشاط الشبكة في غينيا بيساو فكان من أشهر قادته "أنتونيو البرتغالي"، والذي كان يملك مؤسسة طيران صغيرة في غينيا بيساو، كانت تقوم بنقل المخدرات من أمريكا الشمالية إلى إفريقيا.

 

عجز أم تغاض

يعترف المفوض محمد ولد النجيب رئيس المكتب المركزي لمكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية في مخاطبته لمرؤوسيه بالعجز عن الأشخاص الواردة أسماؤهم في الملف باستثناء الفنزويلي رأس جبل الجليد في القضية، والذي اعتقل فجأة في أحد منازل تفرغ زينة بناء على معطيات من "مرشد أمني" خفي.

 

لكن اللافت هو تغاض المفوض ولد النجيب عن المنزل الذي تم فيه الاعتقال في سانتر متير بتفرغ زينة، رغم الدلائل على أنه شكل الوجهة المفضلة لأعضاء الشبكة خلال إقامتهم في انواكشوط، وأكد الطيار الفنزويلي المتقاعد أنه يعود لصديق له، حيث لم يتم اعتقال مالكه، ولا مؤجره، وظلت معلوماته أبرز غائب عن الملف المثير.

 

كما ظل اللبس قائما حول الأسماء المتداخلة في أكثر من ملف، وخصوصا المعلوم ولد أحمد الذي استضاف الفنزويلي في انواكشوط، وهل هو ذاته المعلوم ولد أحمد بلال الذي تولى نقل إحدى الشحنات من زورق قرب امحيجرات إلى حاس بوغبرة، وأوقف خلال العملية الأخيرة المشمول فيها سيد محمد ولد هيدالة.

 

كما غابت المعلومات عن الجهة التي كانت وراء منحهم تأشرة الدخول إلى موريتانيا، وكذا علاقاته في انواكشوط، وفي السنغال التي ذهب إليها أكثر من مرة.

 

ويشكل "نقص الفضول" لدى المحققين الأمنيين في موريتانيا استغراب العديد من المتابعين في هذا الملف، حيث عرفت السنوات الأخيرة طي العديد من الملفات الكبيرة في هذا المجال، حيث تبدأ مثيرة قبل أن يخف وهجها لتختفي لاحقا بإطلاق سراح المشمولين فيها قبل المحاكمة، أو بعفو رئاسي في حال تمت إدانتهم.