لإنفصال عن الواقع ..

الصراع الدائر بين مصر والسودان على المنطقة الحدودية التي تدعى ب"مثلث حلايب" شكل وضعاً غريباً وحدوداً أغرب ! فكلا البلدين صار يرفض الإعتراف بالمنطقة الحدودية التي تدعى "بئر طويل" باعتبار أن من يعلن سيادته على "بئر طويل" سوف يفقد الحق في المطالبة بمنطقة "مثلث حلايب" والتي تعتبر استراتيجية لكلا البلدين , وهذا هو الأمر الذي استغله الأمريكي "جيرميا هيتون" حيث سافر إلى المنطقة قبل أن يعلن نفسه ملكاً على "بئر طويل" مطالباً العالم بالإعتراف بمملكته الجديدة ومعلناً عن سعيه إلى إقامة علاقات ودية مع كل دول العالم !, رد أكاديمي مصري على هذه القصة قائلاً :"لابد أنها مزحة !, وإلا كيف لرجل من فيرجينيا أن يعتقد بأنه يمكن أن يكون ملكاً على جنوب مصر وشمال السودان!". ربما – على طريقة جيرميا هيتون - دعت المعارضة مساء السبت إلى مسيرة تحت عناوين غريبة!, أذكر منها على سبيل المثال "تدهور قيمة العملة الوطنية !" وهو العنوان الغريب والمجحف , أليس تجنياً أن يتم العبث بالواقع والبحث عن محاولة الحشد عبر عناوين مضللة! , ألا يمكن أن ترنو المماحكة السياسية إلى الصدق مع الجمهور بدلا من محاولة تضليله دائماً !, ألم تفضي كل تلك الحاولات إلى فقدان المعارضة لجمهورها بعدما تأكدت نخبها قبل قواعدها من ضيق الأفق ومحاولتها الدائمة المتاجرة بجمهورها!, هذا الوهم الكبير الذي تنتهجه المعارضة مع جمهورها ليس عادلاً !, فمن غير المعقول أن يمضي أحد وراء خطاب سياسي عنجهي وغير واقعي فبعد شعار "الرحيل" الذي أثبت فشله وضحالته وانبأ عن غياب صادم للواقعية السياسية في خطاب المعارضة وبعد هزيمة خيارات المقاطعة ومحاولة افشال العملية السياسية عبر الإيعاز إلى أن العملية السياسية في موريتانيا هي أحادية القطب , ها نحن أمام فشل آخر للمعارضة بعد أن خذلت العناوين المضللة أصحابها , وهذا ربما درس من دروس كثيرة سوف تفضي إلى أن الجمهور لا يمارس السياسة بل يمارس الحقيقة , وعلى معارضة ترجو السياسة أن لا تنفصل عن الواقع وتدرك بأنها تمثل أقلية من هنا حتى الموسم الإنتخابي القادم وعليها أن تتصالح مع ذاتها وجمهورها وأن تلج العملية السياسية على هذا الأساس!, في الختام يقال بأن مزارع استرالي أعلن استقلال مزرعته عن استراليا , ولأنه كان معارضاً لسياسة الحكومة الأسترالية أعلن عليها الحرب وحينما لم يتلقى جواباً أعلن انتصاره ونشره في جريدته الخاصة!.