المشهد السياسي الواقع و الآفاق

إن مشهدنا السياسي لمليء بالمتناقضات  مشهد احتدم فيه الصراع بين أقطاب هيمنت علي كل شيء فعم الفساد الإداري والمالي بل أخلاقي  في مواطن كثيرة فتوقفت قاطرة التنمية لتعود إلي  سنين خلت بعيد الاستقلال

 

لقد تراجعت قاطرة التنمية  و عجلة الإصلاح التي أوقفتها تطورات جعلت موريتانيا تقف عند نفس المحطة التي ركنها عندها جيل الرواد والرعيل الأول  حيث كان حلم الأجيال التي لحقت بهم  ـ حلم التطور و الازدهار ـ ما هو إلا سراب يحسبه الظمآن ماء, وكأن الحكومات والانطمة لم تترا فرادا  و جماعات

 

 و لم يأتي حاكما يوما ما ليعد بالعدل والمساواة بالتطور والازدهار ويمني مواطنين لهم حق معلوم فهم بين سائل أو محروم , لكن هذا الواعد الحالم  لم يعلم أنه لا يمكنه أن يحي عظاما وهي رميم مكسورة بفعل المتغيرات ,و احتدام الصراع بين النخبة والأباطرة المتربعين علي عروش السياسية و مقاليدها , ليظلوا يعدون ولا يوفون , لأنهم فاقدون للشيء الذي يعدون بتقديمه, وفاقد الشيء لا يعطيه وهذه  حقيقة  فمعارضتنا الناطحة أو الناصحة التي لم تحدث تناوب سلميا وديمقراطيا داخل هيئاتها و هياكل أحزابها حتى ملت الكراسي من يجلسون عليها منهم , ها هي اليوم تعد المواطنين البسطاء بالعدل والمساواة أمام القانون وقد جهلوا أو تجاهلوا أن من لم يكن سيدا لبيته وأسرته لايمكن أن يسود علي مجتمع بأسره ,ولكن حلم الوصول إلي السلطة  والنقد السلبي هي من أعمت ضمائرهم فاتخذوا من هشاشة المجتمع صهوة جواد كريم سيوصلهم إلي مبتغاهم إلا وهو سدة الحكم

 

بيد أن طرف المعادلة الثاني لم يكن ببعيد من الخطيئة نفسها فالمولاة للحاكم كانت ولا تزال سيف للبطش والفساد في الأرض وبين العباد إلا من رحم ربي , ولان هذه الموالاة كانت مجبرة علي ردة الفعل التي لا يمكن إن تضعف أم خطاب معارضة  صعبة المراس قدمت المشاريع علي طبق من ذهب وأخرجت ألام المواطن ومعاناته في صورة وردية جميلة استجلبت لها كل أنواع المساحيق و رتوش التجميل  كي يرها الحاكم لا بعينه و إنما بأعينهم  الكاذبة الخادعة لأنهم موالاة  لا تفهم إلا للغة الطمع والمصالح يتسكعون خلف الشاشات ليزيفوا الحقائق والوقائع

 

ولكي لا أعمم يظل هناك بعض الموالين يستحون من تصرفات الآخرين من الزمرة الموالية التي نشرت الفساد ودهست كرامة المواطن علي أيديها.ولان المجتمع هش وضعيف  ظلت ثنائية الصراع هذه  تعيق تقدمه وازدهاره  

 

فرغم قتامه المشهد الذي  تقدمه نخبتنا السياسية لازال هناك أمل في غدا أفضل يغسل أدران الواقع المتأزم ,ويقول ان   الحقبة العصية علي التدوين ولت من غير رجعة ,عندما ظهرت زعامة سياسية للبلد تحاول غسل ما خلفته الأيادي السوداء فبدأت ملامح عصر جديد تتبلور من خلال الإرهاصات الأولية التي تنبئ أن شيء ما سيحدث و أن التغير نحو الأفضل قادم

 

 حيث بدأت المتغيرات تطفوا علي السطح فحورب الفساد وأصبح الكل يتحدث عنه كسيمة بارزة  تعيق التنمية والتقدم , و شيدت بعض الطرق والمدارس والمستشفيات علي تكلفة الدولة و من خزينتها كمحاولة  لتقريب الخدمات من المواطنين واعتراف منها بحقهم الطبيعي في الولوج لهذه الخدمات

 

كما بدأت محاولة غسل نفوس المتضررين من الإرث الإنساني وسنت القوانين المجرمة لتلك الممارسات , ولان أقطاب الصراع أصبحوا لا محل لهم من الإعراب رمي بهم إلي غياهب النسيان  فأطلقت صرخة مدوية  لتجديد الطبقة السياسية المتهالكة والتي هي سبب كل بلاء وشقاء

 

 فبدأت تخرج إلي النور تشكيلات وهياكل سياسية شبابية تحمل نصب عينيها رفاهية المواطن وخدمة الوطن وهي بحق مبادرات  تثمن الانجاز وتعترف بالعمل الجاد لتمارس السياسة بنزاهة واحترام متبادل بين الفرقاء , لم تكن وليدة الصدفة و أنما ولدت من رحم المعاناة و التهميش والغبن الذي سبب بركانا احترقت بحممه الطبقة المتهالكة  ,لتكون هذه التشكيلات الشبابية السياسية المساهم الأول  والدافع القوي وراء وضع  أول الحجز المؤسس لميلاد الجمهورية الثالثة التي انطلقت بالفعل مع إقرار الشعب لتعديلات دستورية  كانت بالفعل  نقطة التحول الحقيقي

 

انه الميلاد الذي يعود معه الأمل المفقود والحلم ألمؤد أنها ساعة الانطلاق نحو موريتانيا جديدة وبحلة جديدة حيث القي مجلس الشيوخ  لماله من تكاليف و أعباء تضر بالدولة و بالمواطن الذي ظلت رزمة من الشيوخ تأخذ رواتب عالية ولا تقدم سوئ النعرات و الشتائم وكيل التهم للبعض

 

لهذا حلت مجالس جهوية مكان هذه الغرفة لان هذه المجالس ستمكن المواطنين في أماكنهم من طرح مشاكلهم و معاناتهم بشكل مباشر من خلال نواب محلين عايشوا واقع هئولاء السكان و ستقرب الخدمات الاجتماعية والاقتصادية إلي المواطن من خلال مشاريع جادة تلبي الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية تعود بالنفع علي الوطن والمواطن  ,كما يعد تعديل العلم والنشيد الوطنين دليلا أخرا علي بداية هذه الحقبة

 

 ذالك إن هذين الرمزين المقدسين اللذين أصبحا بفعل التعديلات مطلبا جوهريا لتعزيز اللحمة الوطنية والتماسك والتعاضد من اجل ظل واحد و وطن واحد تذوب فيه كل الاثنيات الاجتماعية  وليس إصدار ورق نقدي وعملة جديدة  الا وجها أخر من أوجه العبور نحوا جمهورية ثالثة ملئها التطور الاقتصادي و العيش الكريم في ظل وطن كريم يتساوا فيه الكل ويجد الكل ذاته فيه ,أنها موريتانيا في عقدها الثالث, ,موريتانيا المتصالحة مع ذاتها

 

 التي تنبذ النفاق والشقاق والفساد , موريتانيا في عقدها الثالث حيث لامكن لهواجس الماضي القريب من التطبيل و الهرولة خلف مكاسب وهمية لم تصل إلي حد الوصف الجنوني التي تسوق بها الانجازات الحكومية  إلي المواطنين , موريتانيا التي تكرم المواطن و تعطيه حقه بكل ما أوتيت من موارد و إمكانات تجعل المواطن في هنئ وعيش كريم هذه هي موريتانيا المنشودة التي رغم  أنف للا وطنين ستكون ,فليكن الله نصير الوطن والمواطن ويهده إلي سراط  مستقيم .

سعد ولد احمدنا