تحديات أمام السياسيين الشباب ...

لقد لاحظ المراقبون للساحة السياسية توجها جديدا وإرادة سياسية داعية لتمكين الشباب في جميع المجالات، وهذا التوجه نابع من الواقع اللذي تعيشه بلدان العالم الثالث وخاصة بلادنا التي يمثل الشباب فيها نسبة معتبرة مما يجعلنا نتفاعل مع الشباب ونعي دوره الأساسي وتأثيره في مجريات الأحداث.لكن الارادة السياسية والنزعة نحو تمكين الشباب تصطدم بعقبات” تنظيمية“ ، اقتصادية، ثقافية واجتماعية.

من المعروف أن ممارسة السياسة في بلادنا ولدت حكرا على الشيوخ التقليديين والحركات السياسية مما أدى بهذه الفئات الى استغلال الشباب لمأربها ونزعتها نحو السلطة، لكنه في الفترة الأخيرة وبعد اللتغيير اللذي قاده رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز نشئت العديد من الاحزاب السياسية ذات نظرة تقدمية تطمح الى مشاركة الشباب كمحرك ودافع لسياساتها.

وهذا التوجه لقي دفعة قوية عندما أطلق رئيس الجمهورية رؤيته لتجديد الطبقة السياسية. تلك النظرة التي لاقت هي الاخرى ترحيبا واسعا من طرف الفاعلين الشباب ،لكن لم يتفاعل معها البعض في المؤسسات السياسية الحزبية التي لم تنفتح و لم تقم بإعادة تصميم بنيتها الهيكلية من اجل إفساح المجال للشباب اللذين لديهم مشاريع مجتمعية يطرحونها من خلال تلك الاحزاب.

فتغييب التنظيم بدءا بالفروع والأقسام وانتهاء بالمجلس الوطني والمكتب التنفيذي اضافة الى عدم الرجوع للقواعد الحزبية لتجديد هياكل الاحزاب كلها عوامل تسيء للعمل الحزبي وتقف عائقا امام تطور هذه المؤسسات وبالتالي لن تلعب دورا في التجديد المطلوب . كما يجب ان لا نقزم دور الشباب السياسي في لجان شبابية ومنظمات شبابية الهدف منها التحسيس والدعاية لتنظيم المهرجانات بعيدا عن قيادة الاحزاب والتموقع فيها.

تعد البطالة تحديا اقتصاديا ينتشر في صفوف الشباب مما يجعلهم عرضة للاستغلال في الحملات الدعائية والانتخابية ومن هنا يصبح الشباب اداة لرجال الاعمال القياديين في الاحزاب السياسية.وفي هذه الظروف يفقد الشباب ثقته في نفسه وبالتالي ينصاع لتوجيهات حزبه التي تصدر من “المانحين الكبار” المستثمرين في الاحزاب من اجل الحصول على كراسي برلمانية ونحوها.

العقبة الثالثة تتمثل في تدني الوعي السياسي او الثقافة السياسية لدى الشباب مما يبعده عن لعب دور في المناورات السياسية التي يقودها السياسيون التقليديون وطبقة رجال الاعمال اضافة الى الحركات الفئوية والعنصرية، فالبعض تختلط عليه الاوراق السياسية والتناقضات والتحالفات بين اللاعبين في السياسة المحلية و الجهوية والوطنية.ف

على الشباب ان يعي دوره وان لا ينصاع لضغوطات الاخرين. التحدي الاخير اللذي يواجه الشباب الطامح للعب دور سياسي يكمن في نظرة المجتمع التقليدية له والتي تتمثل في انصياعه لأوامر الكبار في السن في جميع توجهاتهم والاكتفاء بالتفرج على ما يصاغ ويدور حوله.

وبعد معرفة التحديات التي تقف عائقا امام السياسيين الشباب، على الجميع ان يعي دوره وينفذه من اجل تجديد الطبقة السياسية وتمكين الشباب.

فعلى الهيئات السياسية” الاحزاب“ ان تقوم بإعادة هيكلتها و تجديدها كما على الشباب ان يكون على المستوى من خلال رفع سقف تطلعاته واهتماماته وان لا يستسلم للطريقة التقليدية التي تدار بها السياسة الحزبية في البلد وان لا يكتفي بلعب دور الوسيط بين قيادة الحزب والقاعدة الشعبية.

وفي النهاية لاشك ان من بين مخرجات الحوار الأخير ما هو داعم للشباب وتمكينه، فليس اقتراح الغاء مجلس الشيوخ وإنشاء مجالس جهوية الا برهان غير مباشر على اهمية افساح الطريق امام السياسيين الشباب من اجل الترشح للمناصب الانتخابية وتبوء المكانة التي تليق بهم من اجل قيادة قطار التنمية في البلد.

الاستاذ نعيم ولد لبات