خرق الدستور من المنظور الشرعي

أَجَلْ .. ليس الدستور قرآنا ، ولا حديثا ، كما أن كلامكم أيها السادة الوزراء ليس قرآنا ، ولا حديثا حسنا ، أحْرى أن يكون صحيحا ، بل يُدرك كلُّ من سمعه بديهةً أنه موضوع . إن كانت أصوات الموريتانيين التي أدْلَوا بها صابرين تحت لهيب الشمس ، -ليكون لهم دستور يحتكمون إليه - ، لا تعني لكم شيئا ، فحَرِيٌّ بالشعب الموريتاني أن لا يولي كلامكم أي وزن ، لأنكم إنَّما أنطقكم صفيرُ أمعائكم ، وجَشَعُكم اللّا محدود . أيُّها السادة الوزراء ...! ماذا لو أنّ المعارضة دَعت إلى مظاهرات واعتصامات تُطالب برحيل فخامة الرئيس قبل انتهاء مأموريته ؟ ، وسارت الأمور إلى تهديد جِدِّي ، أكنتم ستدعون إلى الإحتكام إلى الدستور واحترام الموادِّ التي تنُص على استكمال الرئيس ولايته ، أم ستُصيخون ، وترْضخون لمطالب المعارضة ؟ ، أم أنكم ترون- سذاجة- أن تلك الجموع الهوجاء غضبا ، ستدخل مساكنها فور سماعهم نهيقَكم ، ونعيقَكم تُطالبونهم أن يتوقفوا ؟ ، كما يُخَيَّل إليكم اليوم أنّها تستجيب -لا محالة - لندائكم تنصحون بأبدِيّة حكم من أذاقنا في السبع السنين الماضية شتّى أنواع الويلات ، حتى لَكأن موريتانيا الغنيّة الفسيحة حِفْش يسكنه الجوع والعطش أيُّها السادة الوزراء ... لو أنّ موريتانيا أرض عدل ، وحرية ، ومساواة وكريم عيش ، كما تدَّعون فِريةً ، ما كُنتُم لتُهرِقوا ماء وجوهكم لتشربوا ، وتُبيحون لحومكم لإخوانكم يأكلونها ، لتعيشوا ! أيُّها السادة الوزراء ... ليس الدستور قرآنا ، إلا أنكم تجهلون ، أو تتجاهلون أنَّ في خَرْق المادة الدستورية التي تطالبون بتعديلها مخالفةُُ نصٍّ قرآني ، وأمر إلهي !! (وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا ) للتذكير .. ! هذا هو القسم الذي أدّاه رئيس الجمهورية يَشهدُ عليه العالم بأسره أوجُلّه " أقسمُ بالله العلي العظيم ، أن لا أدعم بصورة مباشرة ، أو غير مباشرة ، أيّةَ مُبادرة من شأنها أن تؤدي إلى مُراجعة الأحكام الدستورية المتعلِّقة بمُدة مأمورية رئيس الجمهورية وشروط تجديدها الواردة في المادتين 26 و 28 من هذا الدستور " أو ليس سكوتك على هذه المبادرات المُطالِبة بتعديل مأمورية رئيس الجمهورية دعما غير مباشر يا فخامة الرئيس ؟! فخامة الرئيس .. ! هذه يمين مُغلّظة 1- بالزّمان : وقد أدّيتم يمينكم بعد العصر الذي نصّ عليه الفقهاء 2- مغلّظة بأسماء الله : ولقد أقسمتم يا فخامة الرئيس بسيد الأسماء الذي هو ( الله) وبإسميْه العلي العظيم 3-مغلظة بحضور جمع : لقد حضر أداءَ القسم عشراتُ الألوف من الموريتانيين وكذلك مئات المدعوين من دول أخرى شقيقة وصديقة ، وشهد عليه مئات الملايين عبر العالم 4- المكان : لقد أدّيتم يا فخامة الرئيس القسم في الملعب الأولمبي ، الذي هو بمثابة "مُصلَّى" عند فخامتكم ! ، فقد سبق أن قدّمتُم فيه مُصلِّيا بالناس أعزّ العالمين وأحبّهم إلى فخامتكم وقْتَها .. ألا وَهُو : عميدُ القادة العرب ، وملكُ ملوك أفريقيا ، وإمامُ المسلمين ، مدبِّر انقِلاب 2008 .. مُعمّر القذافي رحمه الله ، وبهذا تكون اكتملت أركان اليمين المُغلظة ، هذا إن لم تكن خالطتها أيضا يمينٌ غَموس وهي : اليمين الكاذبة التي يقتطع بها الإنسان حقَّ أخيه بغير حق ، وقد قال فيها الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم ( من حلَف على يمين يَقتطع بها مالَ امْرِئ مسلم بغير حق فقد أوجب الله له النَّار وَحَرَّم عليه الجنة ) وفي لفظ آخر ( لقي اللهَ وهو عليه غضبان) ، فكيف بمن اقتطع بها حق الملايين من إخوانه المسلمين ، وهو مسؤول عنهم ؟!! أيُّها السادة الوزراء .. لقد جهِدتم وأنتم تُحفِّلون فخامة الرئيس ، كأنّه عروس تُزف ، تنسبون إليه كلَّ مَحْمَدة وإن لم يفعلها ، وتُوارون بروايات تضليلية كلَّ مَنْقصة اجْترَحها ، حتّى وإن أقرّ بها ، وتُجادلون عنه بالباطل ! ( ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا فمن يُجادل الله عنهم يوم القيامة أم من يكون عليهم وكيلا ) أيُّها السادة الوزراء ... هل تفوق إنجازات الرئيس عزيز إنجازات الرئيس كلينتون في الولايات المتحدة الأمريكية مثلا ؟! أم تفوق إنجازات الرئيس واد "على علاّته" في السنغال ؟ وغيرهم مِمَّن خدموا بلدانهم ، ولمّا انتهت مأمورياتهم ذهبوا طواعية ، دون أن يُقحموا بلدانهم في تجاذبات سياسية ، او يعرِّضوها إلى خطر الانقسام ، هل تعجِز موريتانيا فعلا عن إنجاب " ميكانيكي" سيارات آخر يقود البلد ؟ ، أَإلى هذا الحد هزُلت موريتانيا ؟!! إيُّها السادة الوزراء ... لقد ورد عن رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في صحيح البخاري ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ، وذَكَر مِن بينهم رَجُلٌ بَايَعَ إِمَامًا لَا يُبَايِعُهُ إِلَّا لِدُنْيَا فَإِنْ أَعْطَاهُ مِنْهَا رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطِهِ مِنْهَا سَخِطَ . فخامة رئيس الجمهورية ... عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم وذكر من بينهم مَلِكٌ كذّاب .

الشيخ ابراهيم ولد عبد الله