جميل منصور يخرج عن تريثه ويهاجم إمام المسجد الجامع : رؤية جديدة للإسلام السياسي أم احتكار له ؟

الترشحات للرئاسية الراهنة فتور في نشاط الزعيم الإخواني محمد جميل منصور الرئيس السابق لحزب تواصل. بينما عرف الرجل سابقا وحتى عهد قريب بكثرة خرجاته الإعلامية وابداء مواقفه السياسية مستغلا جميع الفرص للبروز على الساحة لدرجة قيل أنها ضايقت خليفه في رئاسة الحزب. وقد علل البعض غيابه النسبي في الأسابيع الماضية بكونه متريب من الموقف الذي ينبغي اتخاذه من المرشحين.. وفسر بعضهم الأمر بأنه  غير متحمس لدعم سيدي محمد ولد ببكر مرشح ولد بوعماتو ومرشح القيادة الرسمية لتواصلوأن له ميولا غير معلن أو خجول يدعوه إلى الانحياز لولد الغزواني المرشح المدعوم من طرف النظام.

(اقرأ:  هل سيلتحق جميل منصور بالتيار الغزواني.. أم سيسير في طريق موازي؟ )

 إلا أن مصادر ذكرت منذ أيام قليلة إجراء اتصالات بينه مع ولد ببكر وتحسين العلاقة بينهما بحيث أن هذا الأخير - حسب نفس المصادر- ضم جميل منصورإلى إدارة حملته بشكل يعطيه اعتبارا يرضيه.

وتزامنا مع نشر هذا الخبر، بدأ جميل منصور يستعيد نشاطه على الساحة الإعلامية كمعارض يهاجم خصوم ولد ببكر. وهكذا اصدر تدوينات تهاجم النظام  وأنصاره. من أبرزها هجومه القوي على إمام المسجد الجامع أحمدو ولد لمرابط  بحجة أنه لا ينبغي له إعلان دعمه للنظام في خطبة عيد الفطر. وقد أورد أدلة معقولة وواردة تماما تتلخص في أن تبقى الإمامة والفتاوى والمساجد وهيئات العلماء والأئمة بمنأى عن الصراعات السياسية والدعايات الانتخابية والحزبية. وفي ذلك أيضا إشارة ضمنية ينتقد من خلالها رابطة للعلماء والأئمة اعلنت دعمها لولد الغزواني.   

لكن جميل منصور كان عليه أن يقول هذا الكلام النير والوجيه لقومه وينشره بينهم منذ سنوات عديدة وحتى منذ زمان بعيد. هل هو نسي أن رواد التوظيف السياسي للمنابر والهيئات الدينية هم علماء وفقهاء الإخوان المسلمينورموزهم الدينية منذ نشأة الحركة وحتى اليوم، ابتداء من السيد قطب - رحمه الله - وجيله.. وحتى الشيخ القرضاوي والشيخ محمد الحسن ولد الددو – شفاه الله- وغيرهم من الزعماء الروحيين، الحاليين والسابقين، للحركة ؟

فهو يعلم بلا شك أن ولد الددو أفتى بوجوب التصويت لمرشحي تواصل خلال الاستحقاقات الماضية- البلدية والنيابية والجهوية، كما أفتى قبل ذلك بسنين بوجوب التصويت للرئيس محمد خون ولد هيدالة بوصفه مرشح حركةالإخوان في آخر اتنخابات رئاسية تجرى في عهد الرئيس معاوية ولد الطايعكما مدح عمرالبشير ودعا إلى التمسك به رئيسا للسودان. وصدرت فتاوي مماثلة عن الشيخ القرضاوي تدعو إلى التصويت لصالح مرسي في مصر.

 سكوت جميل منصور وقومه على هذا النوع من الفتاوي الذي يخدمهم يدفع إلى التساؤل حول دوافعهم الحقيقية، الخفية والمعلنه، بينما هم ينتقدون التوظيف السياسي للمنابر الدينية من طرف خصوهم.

هل يريدون احتكار هذا النوع من المناورات التي تتخذ من الإسلام مطية للوصول إلى اهداف ساسية ومحاولة منع منافسيهم من استخدامها؟

 أم أن رئيس تواصل السابق وقومه تغيرت رؤيتهم لما يعرف بالإسلام السياسي الذي عودونا على أنه  يقوم اولا وقبل كل شيء على استغلال وتوظيف كل المنابر الدينية - أيا كان نوعها- خدمة لاستراتيجيات وتكتيكات من يحملون راية الإسلام السياسي؟

البخاري محمد مؤمل (اليعقوبي)

--------------------------------------------------------------------

نص تدوينة جميل منصور التي ينتقد فيها الإمام أحمدو ولد لمرابط        

" لم يوفق الإمام الشيخ أحمدو ولد لمرابط حين أدرج في خطبته اليوم في صلاة عيد الفطر فقرة دعائية صريحة ، كان يكفيه الدعوة العامة للآداب المناسبة في الحملة الانتخابية ، وكان يكفيه التفصيل في أنواع الاختلاف ( الواجب والمحرم والجائز ) ، أما أن يعمد إلى الحكم على من يعتبر إنجازات النظام الحالي فسادا بأنه مخالف للشريعة الإسلامية فلا يناسب ووضع لأمور تنتمي إلى دائرة التباين السياسي والاختلاف التقديري في دائرة الحلال والحرام ، والحق والباطل، ومخالفة الشريعة وموافقتها.
أيها القوم إن المنبر الجامع يؤمه كل الناس ويأتيه المسلمون على اختلاف اجتهاداتهم ومواقفهم والمناسب والأولى تركه لهم جميعا وتجنيبه الدعايات السياسية الانتخابية والحزبية ، وهذا بالمناسبة رأيي في كل المنابر والعناوين التي لا يناسب تجييرها في الحملات ولذلك لم يكن مريحا أن تسمع عن روابط للائمة والعلماء أيدت هذا المرشح أو مبادرات للدعاة والائمة ذهبت لذلك المرشح.
للائمة والعلماء حقهم في اتخاذ الموقف الذي يرون ولا يستطيع أحد منعهم من حق هم أولى الناس بتقديره وتحديده ولكن هذا أمر فردي لا يناسب توظيف العنوان العام المشترك له، وهذا أمر يتساوى فيه التوجه الموالي والتوجه المعارض.
أخاف أن يستعجل بعضهم فيقول فلان ينظر للعلمانية ولا يريد للدين ( الائمة والعلماء رموزه) حضورا في الشأن العام ، الأمر ليس كذلك فالدين يخاطب الإنسان في كل مناحي حياته ويدعو لاعتماد موجهاته ومرجعيته في الشأن السياسي ولكن هذا شيء واعتماد التنظيم المناسب شيء آخر ، للمنبر أن يهتم بأمور الناس وله أن يوجه الناس في الشأن العام ويربطهم بالخير والهدى والاستقامة والعدل وقضايا الأمة، أما أن يكون فرصة للدعاية الحزبية أو الدعاية الانتخابية الطرفية فذلك امتهان له وتحويله من عنوان".